هل ليبيا جادة في مسألة الاصلاح؟
- بول وودز
- بي بي سي
تختلف "ليبيا الحقيقية" عن احتفالات الثورة المبهرة
كان المعارض الليبي جمال الحاجي واقفا على ناصية شارع في العاصمة طرابلس يتطلع يمنة ويسرة في عصبية حين التقيته في سبتمبر/ايلول 2009.
توقفت سيارة الاجرة التي كنا نستقلها في الشارع على اصوات ابواق السيارات المحتجة خلفنا ليقفز في المقعد الخلفي.
والتقيناه بهذا الشكل لان ضباط امن الدولة، على حد قوله، سيكونون في بهو الفندق الذي نقيم فيه ويمكنهم اعتقال اي شخص قبل ان تبدأ الكاميرات في التصوير.
واضاف اننا لو اجرينا المقابلة في بيته فانه ربما عرض اسرته وحتى جيرانه لمخاطر بلا معنى.
وفي ليبيا، تعتبر "اهانة موظفي العموم" و"معارضة فكر الثورة" جناية يمكن ان تؤدي الى سجن مرتكبها 25 عاما.
وقال حاجي انه على استعداد للعودة الى السجن مجددا لكنه لا يريد ان يسبب مشاكل لاي شخص اخر.
وكان الرجل ضئيل الحجم، ومهنته المحاسبة، يريد ان يطلعنا على "ليبيا الحقيقية".
بي بي سي إكسترا بودكاست يناقش كل أمور حياتنا اليومية، يأتيكم ثلاثة أيام أسبوعياً
الحلقات
البودكاست نهاية
فهو يراها مختلفة عن الاستعراضات والملصقات واحتفالات الذكرى الاربعين لثورة الفاتح التي كنا في ليبيا لتغطيتها في سبتمبر/ايلول الماضي.
وهكذا اجرينا حوارنا في المقعد الخلفي لسيارة الاجرة وهي تسير في شوارع طرابلس في الليل.
وقال جمال الحاجي: "الوضع خطر، ولا اشعر بالامان، لكني لست خائفا فليس هناك ما اخسره".
ولدهشة العاملين في هيومان رايتس ووتش، التي رتبت لقاءنا بجمال، فلم يعتقل بعد بث تقريرنا مباشرة.
واعتبر البعض ذلك دليلا على ان المعتدلين داخل النظام اصبحت لهم اليد العليا في البلاد، ما يعني مزيدا من الحريات لليبيين العاديين في قادم الايام.
كان ذلك في سبتمبر/ايلول 2009، اما اليوم فسيسمع جمال الحجي في محكمة امن الدولة الليبية القرار بما اذا كان سيذهب الى السجن مجددا.
ولا يحاكم لانه اجرى مقابلة مع بي بي سي لكن لانه كتب في مايو/ايار 2009 شكوى من خمس صفحات لوزير العدل الليبي يقول فيها انه تعرض للتعذيب خلال فترة سجنه الاخيرة.
ولم تتخذ السلطات اي اجراء بشأن شكواه على الفور، لكنها اعتقلته بعدها باكثر من ستة اشهر، في ديسمبر/كانون الاول 2009.
وجاء الاعتقال بعد لقائه العلني مع منظمتي حقوق الانسان هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية في طرابلس، وكان ذلك بعد بث مقابلته مع بي بي سي في سبتمبر/ايلول.
ويرى نشطاء حقوق الانسان ان السلطات انتقت جمال الحاجي بسبب وضعه البارز.
ويقول محاموه ان مكتب المدعي العام الليبي ابلغ المحكمة انه حقق في اتهامات التعذيب.
وقال الادعاء ان اتهاماته ليست صحيحة وبالتالي فهو متهم بالتشهير بموظفين رسميين.
وبالتحديد، يواجه تهمة "اهانة السلطات القضائية" وعقوبتها في القانون الليبي تصل الى السجن 15 عاما.
تقول ساره لياه ويتسون، مديرة الشرق الاوسط في هيومان رايتس ووتش: "اعرب جمال الحاجي عن ثقته في النظام القضائي الليبي بتقديم شكوى رسمية. ومن شأن اعتقاله ومحاكمته بشكل غير عادل يجعل ذلك النظام مدعاة للسخرية".
وكانت جمعية حقوق الانسان في مؤسسة القذافي طرحت في اول تقرير سنوي لها عام 2009 توصية بالغاء محكمة امن الدولة.
ويدير جمعية حقوق الانسان سيف الاسلام القذافي، احد ابناء العقيد معمر القذافي والذي يعتقد انه من بين من يريدون تحرير البلاد اكثر.
ويعتقد ان تدخله كان وراء الافراج عن جمال من فترة سجنه السابقة.
وهناك حديث كثير عن "الاصلاح" في ليبيا، لكن من الصعب التاكد من مدى جدية ذلك الاصلاح.
وربما يكون الحكم ـ او حتى مدة السجن ـ على جمال الحاجي في محكمة امن الدولة اليوم معيارا على ذلك الاصلاح.